تماما علي طريقة
مرشحي الانتخابات الذين يمسكون بميكروفونات فوق سيارة نصف نقل ويصرخون في
الشارع دعاية لابن الدائرة تسمع هذه الأيام ميكروفونات الحزب الوطني في
وسائل الإعلام وفي منتديات ومؤتمرات تتحدث عن إنجازات حكم ابن الدائرة،
وكيف أن الناس لايهمها الكلام التخين بتاع المثقفين وبتوع المعارضة حول
الإصلاح السياسي وتغيير الدستور وأن أهم حاجة عند الناس هي أكل العيش؟
والحقيقة
أن هذا الكلام يتردد منذ زمن ثم إنه أتي بنتائج مدهشة في الحياة المصرية
فهناك ملايين من المواطنين صدقوا بكل غفلة وسذاجة وطيبة هذا الكلام الفارغ
بل ويحدثك بعضهم ومنهم حملة للشهادات العليا وحملة في الشهر السابع عن أنه
يا أستاذ إحنا ملناش دعوة بالسياسة خلينا في أكل العيش!
كويس والله
خالص، برافو عليكم، لأ بجد براوة أما براوة وشطارة آخر طراوة!
لكن
هل يمكن أن أتجرأ وأتجاسر وأقل أدبي وأسألكم: ياتري أخبار أكل العيش إيه؟
أعرف
أنه من الجائز جدا أن تدخل بيتا فتشم رائحة غريبة كأن فيه عطانة أو عفانة
فتسأل إيه ياجماعة الريحة دي؟ فيندهش أهل البيت ويستغربون: ريحة إيه
ياسيدنا الأفندي؟ فتقول لهم معقولة مش شامين؟
والحقيقة أنهم بالفعل
لا يشمون الرائحة العطنة لأنهم تعودوا عليها وظنوا مع مرور الأيام ودوام
الرائحة أنها طبيعية وعادية!
ولهذا أقول لكم إن الرائحة عطنة في
الوطن لكن أنوفنا لاتشم!
إليكم هذه المفاجأة أنه مفيش إصلاح سياسي
ومفيش كمان أكل عيش!
لعل أي نبيه فينا أخذ باله أن العام الأخير في
مصر شهد أزمات.
1- مياه الشرب الملوثة.
2- مياه الصرف الصحي
التي تروي الأراضي الزراعية.
3- أزمة رغيف العيش وصعوبة الحصول عليه
بل الموت من أجله، ثم كذلك شكل وحال رغيف العيش غير الصالح للاستخدام
الآدمي.
4- أزمة البنزين 80، حيث سحبته الدولة لصالح رفع أسعار
البنزين الأخري.
5- أزمة الزبالة التي ملأت مصر ولاتزال ترتع فيها
حتي الآن لكن الناس نسيت وتعايشت مع أكوام الزبالة في كل ركن وشارع ومدينة.
6-
أزمة أنابيب البوتاجاز حيث تحارب الناس من أجلها فقد نقص وجودها وزاد
سعرها.
7- أزمة السولار المختفي فأثر في سيارات النقل وأسعار
البضائع وتشغيل المصانع وغير ذلك من آثار.
ها ما رأيك في أكل العيش؟
هل
هذا النظام الذي يكذب ويقول إنه لايهتم إلا بالمواطن محدود الدخل قد وفر
أكل العيش لهذا المواطن الذي يتمطع ويردد نفس كلامهم وهو أن المهم هو أكل
العيش؟
لقد فشل هذا النظام ولا فخر في توفير الحد الأدني من المعيشة
الكريمة للمصريين بل لم يقدر علي الاستجابة لأقل احتياجات لأي شعب في
الدنيا وهي توفير نقطة المياه النقية وقطعة الخبز الطبيعية ومواد الطاقة
التقليدية من بنزين وغاز وجاز!
بس، إحنا لا طلبنا من حضرته نطلع
القمر ولا ننزل منه، طلبنا الكفاف فلم يأخذ المواطن العادي إلا الجفاف
بينما هو لا يتكلم في السياسة إلا عندما يقنعونه بأن العرب جرب وأنه يعيش
منتخب مصر حرًا مستقلاً!
الحقيقة التي يؤسفني أن أصدمك بها أن
الإصلاح السياسي أهم من أكل العيش، لأنك أولا لا تأكل عيشا بل تسف التراب
(أتحداك إذا كنت قادرا علي توفير وظيفة أو شغلانة لابنك بعدما صرفت عليه
الآلاف من الجنيهات في الدروس الخصوصية ومجاميع الثانوية ومصاريف الكلية!!)
ثم
ثانيًا لأن الإصلاح السياسي والانتخابات الحرة وتداول السلطة وتغيير رئيس
الجمهورية هو الأمر الوحيد الذي يمكنك من توفير أكل العيش، بدلا من أن
يحكمك فسدة ينخرون عظامك ويمصون دمك تأتي بحكام جدد إن نجحوا في تلبية
مطالبك أبقيت عليهم وأنجحتهم وإن فشلوا ضربتهم صفعا وأبعدتهم عن الحكم!
والثابت
أن الحزب الوطني بعد 29عاما من حكم الرئيس مبارك قد هزم الشعب بلمس
الأكتاف، جابنا الأرض، فهناك 48 مليون فقير في مصر يعيشون في 1109 مناطق
عشوائية دون خدمات أو رعاية اقتصادية أو اجتماعية (كل الأرقام التي ستقرأها
في هذا المقال تستند إلي تقرير بالغ الأهمية والقسوة والدقة قدمه مركز
الأرض لحقوق الإنسان صدر منذ أيام)، ثم إن 45% من المصريين يعيشون تحت خط
الفقر ويحصلون علي أقل من دولار(خمسة جنيهات ونصف ) في اليوم، في الوقت
الذي وصل فيه سعر كيلو اللحم لحوالي 10 دولارات (خمسة وخمسين جنيها)، وأن
46% من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافي.
ها ما رأيك ياخويا في
أكل العيش؟
هل أدركت أن الإصلاح السياسي الذي يجعلنا قادرين علي
تغيير هؤلاء الذين فشلوا في حكمنا وحرمونا من أكل العيش الكريم الفينو أو
البلدي هو مفتاح تغيير حياتك؟
لكن يبدو أن نظام الحكم المبارك مرتاح
إلي أكذوبته الكبري في أنه المهم أكل العيش وأن أحدا لن يزحزحه عن مقعده
وعرشه فالشعب عيان، حيث إن ربع سكان مصر يعانون من ضغط الدم و9 ملايين مصري
مصابون بفيروس سي و10% من السكان يعانون من مرض السكر و29% من أطفال مصر
مصابون بفقر الدم، ثم إن مرضي الفشل الكلوي والسرطان يزيدون كل عام بحوالي
100 ألف مواطن و16% من الشباب المصري مدمن للمخدرات و22% من قوة العمل في
مصر يعانون البطالة.
أكمل أم أتوقف عن هذا الحد من النكد!
خلاص
سأسكت تماما بس إوعي أسمعك تقول لي المهم أكل العيش!