هل تنجح حالة الحراك السياسى الراهن فى
تحقيق
أهدافها فى إحداث التغيير المنشود؟. وإلإجابة: نعم، إذا توفرت لها
شروط
معينة، فى مقدمتها:١ - تجنب الوقوع فى أخطاء الماضى والعمل على
استيعاب الدروس المستفادة منها. ٢ - فهم واستيعاب أوجه التشابه والاختلاف
بين
حالة الحراك الراهن وما سبقتها. ٣ - القدرة على الاستفادة إلى أقصى حد
ممكن
من مستجدات ومزايا الحالة الراهنة.كان الحراك السياسى الذى
انطلق عامى
٢٠٠٤ و٢٠٠٥ قد نجح فى كسر حاجز الخوف وفى إخراج قطاعات جماهيرية
لا
بأس بها من حالة من السلبية ظلت تخيم عليها لفترات طويلة. غير أن البعض
تصور أن كسر حاجز الخوف يعد كافياً فى ذاته لإطلاق المبادرات الجماهيرية
من
عقالها وتوليد ما يكفى من آليات الضغط إلى أن يتحقق التغيير المنشود،
وهو
ما لم يحدث. ومع تباطؤ ثم انعدام قدرة الحركة على تطوير
أساليبها بدأت
الخلافات والانقسامات تظهر تحت وطأة المزايدات والأمراض
التقليدية
للنخبة إلى أن توقفت قوة الدفع فيها نهائياً وتجمد حراك كان
واعدا فى
البداية ليتحول إلى وقفات احتجاجية صغيرة أصبحت هدفا فى ذاتها. ولأن
هذه الوقفات لم تكن ضاغطة أو مؤثرة بما يكفى، كان من الطبيعى أن يسعى
النظام
الحاكم للاستفادة منها وتوظيفها لصالحه على طريق استكمال «ديكور»
ديمقراطى
يحتاجه فى تعامله مع الخارج. وبهذه الطريقة تمكن النظام الحاكم فى
النهاية من إجهاض الحراك السياسى السابق وإحكام قبضته على الأوضاع بشكل
أكبر
مما كان.تبدو حالة الحراك السياسى الراهن مختلفة لأكثر من سبب،
الأول:
انكشاف أوجه قصور النظام الحاكم وعجزه وفساده بشكل أكبر، الثانى:
إصرار
هذا النظام على المضى قدما فى مشروع «التوريث» والسعى لتمريره مهما
كانت
التكلفة، الثالث: تعبير شخصيات لها وزنها، مثل هيكل وعمرو موسى وأحمد
زويل
ومحمد غنيم وغيرهم، عن شعور متزايد بالقلق على مستقبل البلاد،
والرابع:
قرار البرادعى النزول إلى ساحة العمل السياسى المباشر، كمعارض
يدعو
إلى تغيير النظام وليس كداع للإصلاح، مما أضفى على حالة الحراك الراهن
زخما غير مسبوق.ولأن الأمراض التقليدية للنخبة وصراعاتها الشخصية
التى
لا تنتهى ونزوعها الدائم للمزايدة، كلها أمور لم تختف بعد ولاتزال
تثير
القلق لدى كثيرين، أتمنى أن تنجح حالة الحراك السياسى الراهن فيما
فشلت
فيه مثيلاتها من قبل، بسبب انجرافها التلقائى وراء المزايدات. فمن
الأفضل
التقدم إلى الأمام بخطوات صغيرة، ولكن ثابتة، على القفز بخطوات
سريعة
غير محسوبة تدفع نحو المجهول وتؤدى إلى العودة إلى نقطة الصفر
والدوران،
بالتالى، فى حلقة مفرغة لا تنتهى.نجاح حالة الحراك
السياسى الراهن
يتوقف على القدرة على المحافظة على وحدة وتماسك القوى
الطامحة فى
التغيير، من ناحية، وعلى الاستفادة من حكمة وإمكانات شخص فى وزن
الدكتور البرادعى آلت إليه قيادتها طبيعيا ودونما افتعال