هل تصدق الرئيس مبارك حين يقول إن الانتخابات حرة؟!
قال الرئيس في خطابه الأخير في عيد العمال إن
الانتخابات المقبلة بشقيها ستكون حرة ونزيهة، وسيكون الشعب هو الحَكَم
وستكون كلمته هي الفيصل في صناديق الاقتراع، بينما أي واحد فينا يعرف، بل
يوقن أن الانتخابات القادمة مزورة شأن كل زميلاتها السابقات الآنفات
الفائتات.
إذن.. لماذا يصر الرئيس علي أنها ستكون حرة ونزيهة؟ هل
لأنه يدرك أن ما فات من انتخاباته كان مزوراً؟
لا يوجد رئيس يعد شعباً بإجراء انتخابات حرة إلا إذا
كان هناك شك في ذلك. المشكلة أن كل ما أخشاه فعلاَّ، بل أرتعب منه أن يكون
الرئيس مبارك مصدقاً أن انتخاباته نزيهة.. ما سبق وما لحق، فأن يقول الرئيس
إن انتخاباته حرة وهو يعلم أنها ليست كذلك فهذا موضوع مقدور عليه وتفسيره
سهل رغم كارثة التزوير، فقد يقول الرئيس ـ أي رئيس ـ إن انتخاباته حرة من
باب دعاية الرئيس لنفسه وحزبه وحكمه، أو أنه مثل أي حاكم فرد لا يعير
اهتماماً لصناديق الانتخابات ولا يجد مشكلة في تزوير حكومته ورجاله
الانتخابات، فبعد فترة طويلة من الحكم يعتقد الرئيس (أيًّا كان) أنه يعرف
مصلحة الشعب ومصلحة بلاده، ومن ثم فالانتخابات مجرد إجراء شكلي!
لكن عندما تقترب من رأي الرئيس مبارك في الانتخابات في
عصره يصدمك حماسه في التعبير عن نزاهتها، فها هو في حوار مع صحيفة «الرأي
العام الكويتية» في أول أغسطس1986، حين يسأله الصحفي:
لكن هناك يا سيادة الرئيس من يشكك في نتيجة انتخابات
مجلس الشوري الأخيرة؟
يجيب الرئيس مبارك: نعم المعارضة تشككت في نتائج مجلس
الشوري ولو هبط ملك من السماء وأجري انتخابات في مصر فإنهم لابد أن يشككوا
في نتائجها طالما أنهم لم يصادفوا نجاحاً فيها، هل ننتظر شيئاً آخر منهم
غير التشكيك مادام النجاح لم يكن حليفهم فيها؟ إن المعارضة تطالب بالسلبية
وهذا أمر أرفضه، فالديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن ترسي قواعدها من خلال
السلبية والمقاطعة، إن السلبية تؤدي في النهاية إلي حكم الفرد ومن هنا لابد
من الخروج من دائرة السلبية.
فيسأله الصحفي ملحاً: لاحظت، فخامة الرئيس ارتفاع نسبة
الحضور في انتخابات مجلس الشوري بطريقة أثارت استغرابي؟
فيرد الرئيس: هذه النسبة لم تحدث في تاريخ مصر، لماذا
لم ترسل أحداً ليتأكد منها؟
فيصمم الصحفي علي السؤال: أنا استغربت يا سيادة الرئيس
للنسبة العالية من الحضور التي تفوق في حجمها دولاً أكثر عراقة في
ممارستها الديمقراطية، يعني.. هل معقول أن تصل النسب إلي هذا الحد؟!
فيرد الرئيس بكل ثقته الرئاسية: أقدر أن أقول لك إنه
نوع من التحدي من جانب الشعب ليس أكثر، ومن هنا لماذا نزوِّر طالما ليست لي
مصلحة شخصية ولا أقبل كلمة التزوير، ولا أسمح لأحد أو أوحي لأحد من قريب
أو بعيد بأي لعب في الانتخابات؟
هذا هو كلام الرئيس منذ أربعة وعشرين عاماً فإذا به لا
يزال بعد ربع قرن يصرح لنا مبشراً بأن الانتخابات القادمة حرة.
أعرف أن أحداً لن يصدق أن الانتخابات حرة لكن المشكلة
الفادحة لو كان الرئيس يصدق!