هل الدولة المصرية معنية حقاً بالإعداد
السياسى
للشباب كى يستطيع تحمل أعباء ومسؤولية قيادة بلاده فى المستقبل؟
سؤال
يتعين أن ننشغل به هذه الأيام للتعرف على الأسباب التى تجعل الشباب
المصرى
يبدو عازفاً عن المشاركة السياسية وتدفعه للتماهى مع «رموز» أو
«نماذج»
من خارج النظام وليس من داخله، أى من خارج الحزب الحاكم وأحزاب
المعارضة
الرسمية على السواء. للعثور على إجابة أمينة ودقيقة على هذا
السؤال،
علينا أن نلقى نظرة فاحصة على دور الجامعات والأحزاب السياسية
باعتبارهما
أهم معامل الإعداد السياسى للشباب.لا يختلف أحد على
أهمية الدور الذى
تلعبه الجامعة فى تشكيل الوعى السياسى للشباب. ولأن
الشباب فى هذه السن
يكونون فى حالة استنفار ذهنى وبدنى، وبالتالى لديهم ميل
طبيعى
لاستقبال الأفكار والتفاعل معها ومع المهام المتاحة بعفوية ونقاء
بعيداً
عن القوالب الجامدة، فمن الطبيعى أن تؤثر سنوات الدراسة فى الجامعة
على
تشكيل وعيهم السياسى لسنوات طويلة لاحقة. ومن الواضح للأسف أن المناخ
السائد
فى الجامعات المصرية حالياً لا يتيح للشباب تكويناً سياسياً يؤهلهم
للولوج
فى الحياة العملية لاحقا بقدر معقول من الثقة. فلا نظام
الأسر المعمول
به حالياً يتيح لطلاب الجامعة فرصة حقيقية للتفاعل الفكرى
فيما بينهم
أو مع أساتذتهم، لأن أعدادهم المهولة لا تسمح إلا لنسبة ضئيلة
جداً
منهم بالاستفادة الفعلية منه، ولا نظام الاتحادات الطلابية المعمول به
حاليا يتيح الفرصة لاكتشاف وصقل القيادات، نظراً لغياب المنافسة، ولعدم
وجود
انتخابات حقيقية، وخضوع الأنشطة لهيمنة الأجهزة الأمنية.فإذا
حاول
الشباب تعويض ما فاته داخل الحرم الجامعى بالانخراط فى الحياة الحزبية
خارجه سرعان ما يكتشف أن الخيارات أمامه محدودة أيضا وسيجد حزباً حاكماً
لا
صلة له بالسياسة، لأنه حزب «الدولة» و«الأجهزة» وليس حزب الجماهير. فرئيسه
ابن المؤسسة العسكرية الحاكمة منذ الثورة ولم يكن له أى علاقة بالسياسة
قبل
اختياره نائباً لرئيس الدولة السابق الذى ينتمى لنفس المؤسسة، وابن
الرئيس
الحالى أهم شخصية فى الحزب الحاكم ويبدو أقرب إلى «الوريث» أو «ولى
العهد»
منه إلى «القائد» أو «الزعيم»، والوزراء «فنيون» أو «تكنوقراط» لا
يدينون
بمواقعم لنشاط سياسى أو حزبى مارسوه وبرعوا فيه من قبل. ورائحة
الفساد
التى تفوح من داخله لا تشجع أحداً على الاقتراب منه أو الانخراط
فيه،
أما عن أحزاب المعارضة الرسمية فحدث ولا حرج: صراعات داخلية شخصية لا
تنتهى،
وقيادات شاخت فى مكانها لكنها مع ذلك تتحدث عن تداول السلطة على
مستوى
الدولة دون خجل.فهل نستغرب، فى سياق كهذا، أن يلتف الشباب حول
البرادعى باعتباره الرجل الذى يمكن أن يجسد أمله فى التغيير وأن يخرج
لاستقباله
فى المطار استقبال الأبطال. لماذا؟ لأنه ببساطة رجل جاء من خارج
النظام
واستطاع أن يثبت جدارته وأن يصنع نفسه بنفسه دون وساطة أو تزكية من
أحد